أسماء الحسيني (القاهرة)

كشفت مصادر مقربة من المجلس العسكري الانتقالي في السودان لـ«الاتحاد» عن أن قرار غلق مكتب قناة «الجزيرة» القطرية أمس الأول في الخرطوم جاء بعد حصول المجلس على أدلة ومعلومات تؤكد أن مكتب القناة يتخابر لصالح الإخوان في السودان ويعمل على دعم النظام القديم. وقالت مصادر أمنية إن الاستخبارات العسكرية ظلت ترصد حركة مكتب الجزيرة ومن يحضرون له من قطر واتصالاتهم مع إسلامويين في السودان. وفي خطوة مباغتة، قام المجلس العسكري بإصدار قرار بوقف نشاط قناة «الجزيرة» القطرية وسحب ترخيصها، كما استدعت وزارة الخارجية السودانية سفير السودان بقطر فتح الرحمن، بناء على طلب من المجلس العسكري، وذلك بعد ساعات من إغلاق مكتب القناة. وقالت مصادر مطلعة في الخرطوم إن هناك بوادر أزمة بين البلدين، وإن الأمر مفتوح على كل الاحتمالات.
وقال مصدر أمني مسؤول لـ«الاتحاد» إن أجهزة الأمن السودانية أبلغت المسلمي الكباشي مدير مكتب القناة في الخرطوم بقرار المجلس العسكري إغلاق المكتب والتحفظ على أجهزته، وأنها قررت سحب تراخيص العمل لمراسلي وموظفي شبكة الجزيرة.
وأضاف المصدر الأمني أن ممارسات قناة «الجزيرة» في السودان تأتي ضمن سلسلة التحريض وإشعال فتيل الفوضى من خلال سعيها لدعم فلول النظام السابق، وقيادة الثورة المضادة ضد التقارب بين المجلس وقوى التغيير. وأوضح المصدر أن مكتب قناة الجزيرة في السودان تحول إلى خلية استخباراتية تضبط الاتصالات بين أنصار الرئيس المعزول عمر البشير وعناصر خارجية، مما يخالف مضمون التصريح الإعلامي الممنوح للقناة.
وأشار المصدر الأمني السوداني أن أجهزة الاتصال التي ضبطتها الأجهزة الأمنية في مكتب قناة الجزيرة في السودان دخلت عن طريق موظفين في المكتب، وتم تسليمها لعدد من أنصار البشير، وترتبط مباشرة بحكومة قطر. وأضاف: أن القناة حصلت بشكل غير رسمي على أجهزة بث وأدوات مملوكة للسودان. ومن جانبها تقول الكاتبة الصحفية السودانية رشا عوض رئيس تحرير صحيفة «التغيير» لـ«الاتحاد»: إن قناة الجزيرة معروفة بارتباطاتها القوية بالإخوان، وحالياً توجهاتها بالشأن السوداني منحازة لعودة فلول النظام السابق إلى السلطة مجدداً.
وتضيف: بالطبع منذ اندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربي انحرفت «الجزيرة عن الخط الإعلامي المهني، وأصبحت مرتبطة بأجندة سياسية واضحة في دعم الإخوان ومخططاتهم التآمرية في المنطقة».
وتوقعت رشا أن تقوم «الجزيرة» بالتصعيد ضد المجلس العسكري في الفترة القادمة، وأن تواصل توجهها الأيدولوجي ومنهجها في مناصرة الإخوان.وقال إعلاميون سودانيون آخرون، إن مسار الأزمة الحالية يحدده موقف قناة الجزيرة، هل ستتجه إلى التصعيد أم المهادنة. وإن رأى أغلبهم أن القناة ستتجه في الأغلب إلى التصعيد، وستصب جام غضبها على المجلس العسكري، وستعمل على شيطنته، والوقيعة بينه وبين الحراك الشعبي وقوى التغيير من ناحية، وبين أعضائه من ناحية أخرى، ومحاولة تشويه قيادات المجلس الواحد تلو الآخر، وكذلك تشويه وشيطنة قوات الدعم السريع وقائدها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقال سياسي سوداني بارز لـ«الاتحاد» إن موقف المجلس العسكري السوداني وإجراءاته تجاه قناة الجزيرة لم تنتج من فراغ، فالقطريون لم يتوقفوا عن العبث بالسودان، وشراء من أسماهم بـ«المؤلفة قلوبهم»، إضافة إلى دعمهم المستمر، وعلى كافة الأصعدة لحلفائهم من الإسلامويين، الذين لم تتوقف رحلاتهم إلى الدوحة، وأشار إلى اجتماعات لقيادات الحركة الإسلاموية السودانية عقدت في الدوحة مؤخراً.
وأضاف أن قطر تعمل على التفريق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، كما أنها تتواصل مع القوى التي كانت متحالفة مع المؤتمر الوطني، مثل حزب المؤتمر الشعبي وغيره، إلى جانب تنسيقها مع تركيا من أجل جمع الحركة الإسلاموية السودانية من جديد. وقال إعلامي سوداني مخضرم لـ«الاتحاد» إن السلاح الأول المعروف لقطر من أجل تنفيذ أجندتها المشبوهة في السودان هو الإعلام، وذلك عبر استضافتها الدائمة لإعلاميي النظام البائد في نشراتها وبرامجها، وكذلك استضافتها لضباط أمنه تحت مسمى محلل سياسي أو خبير استراتيجي، لخلق صورة مغايرة عن الواقع، مؤكداً أن قطر تريد إطالة أمد الأزمة في السودان، عبر عرقلة خطة الانتقال السلمي.